التشاور والتعاون

التشاور والتعاون هما عبارة عن عمليات تشاركية تهدف إلى إشراك أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص في وضع السياسة العامة. ويُعد التشاور وسيلة لإقامة الحوار بين السلطات الحكومية وأصحاب المصلحة، بما فيهم أطراف من القطاع الخاص والهيئات الحكومية، حول سياسات وتشريعات وممارسات تشغيلية. ويتمثل التعاون في تقاسم المسؤوليات والمهام المنوطة بعملية أعمال معينة، وتقديم الخدمات على نحو مشترك. حيث تتفاعل الدوائر والهيئات الحكومية المختلفة فيما بينها وتتحول من إجراءات انفرادية تُنفذها منظمة ما داخلياً إلى عمليات أعمال تعمل على تطوريها جميع الأطر المؤسسية وتتشارك فيها. بل وفوق ذلك، أن يُدمج القطاع الخاص في عملية الأعمال المشتركة.

الصلة مع تيسير التجارة

كان لتيسير التجارة تأثيرات واسعة على الحكومات والقطاع الخاص. فهو يؤثر على الإطار القانوني، والثقافة والهيكليات المؤسسية للسلطات العمومية، ويُملي إدخال تغييرات على تصميم الخدمات وتقديمها. ومن أجل الاستجابة لهذه التغييرات الإصلاحية، ينبغي للحكومة والإدارات تغيير الطريقة المتبعة للتعاون مع بعضها البعض ومع قطاع الأعمال.
تُنفّذ تدابير تيسير التجارة ضمن بيئة مؤسسية مُجزّئة وحسب أطر قانونية معقدة. إنَّ تقاطع المسؤوليات والتنافس على الصلاحيات بين الدوائر والوكالات الحكومية تحد من فاعلية التدخل الحكومي. ولهذا فقد باتت تُدرك الحكومات ضرورة تقوية علاقات العمل وتنسيق ترتيباته بين الوكالات التي تتمتع بصلاحية التدخل بالسلع العابرة للحدود. لأنها عندئذ سوف تتمكن من تحديد فرص تبادل المعلومات والبيانات، وموائمة وتنسيق الممارسات والعمليات، وتقاسم البنى التحتية. مما يسمح لها بإعادة تصميم وتبسيط عمليات عبور الحدود والتخليص بينما تُعزز الضوابط والخدمات التي تقدمها مختلف الهيئات العمومية. وتبرز أهمية التعاون تحديداً في مجال التعاون بين الوكالات الحدودية، حيث تتواجد العديد من الوكالات العامة على الحدود مما يستلزم منها تنسيق الإجراءات والعمليات وتقاسم الموارد بهدف الحد من حالات التأخير على الحدود.
لقد تزايد في الآونة الأخيرة عدد الحكومات والهيئات العامة التي تحرص على إشراك مجتمع الأعمال في عمليات صنع القرار وتطوير القوانين. حيث تُبلغ التجار وغيرهم من الأطراف المهتمة بشأن خططها وسياساتها ومشروعات القوانين، سواء كانت على شكل تشريعات جديدة أم مُعدلة، وتدعو مجتمع الأعمال للإدلاء بآرائه وتعليقاته ووجهات نظره وتغذيته الراجعة حول هذه الخطط والقوانين. في العديد من الدول حالياً، تعقد الهيئات الحكومية الرئيسية كإدارة الجمارك اجتماعات تشاورية دورية (المشاورات التجارية الرسمية) تتيح استمرارية مشاركة المعلومات والاشراك الفاعل لمجتمع الأعمال في جميع مراحل عملية صنع القرار وسن القوانين.
ونشهد المشاركة القوية لمجتمع الأعمال في مشروعات تيسير التجارة المُنفذة عبر شراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، كما هو الحال في نظم مجتمعات الموانئ أو النافذة الواحدة للتجارة.

المنافع

إنَّ التعاون بين الهيئات والدوائر العمومية، والتشاور مع قطاع التجارة والأطراف المعنية الأخرى قد يعود بالفوائد التالية:

  • أن تعالج الحلول والقوانين الاحتياجات الحقيقية، وتقديم حلول تقدمية؛
  • ترسيخ شرعية التغييرات المقترحة وتعزيز الالتزام بالتنفيذ؛
  • تعزيز الثقة بالمؤسسات الحكومية وبين الشركاء؛
  • إقامة الحوار بين القطاعات، والتشارك بالمعلومات؛
  • الحد من المنازعات بين مختلف المجموعات، وبين القطاع الخاص والهيئات الحكومية؛
  • شراكة ومُلكية ومسؤولية خلال عملية التنفيذ؛
  • الموائمة، وجهود تبسيط تقدمية وأكثر فاعلية.

الإطار الدولي

بات التشاور بين القطاعين الخاص والعام، والتعاون بين الوكالات في مجال تيسير التجارة يُلاقيان قبولاً دولياً. وقد نصت عدة اتفاقيات دولية على التزامات الأطراف المتعاقدة والدول الأعضاء في هذا الصدد.
تقتضي اتفاقية شيكاغو و اتفاقية تسهيل حركة الملاحة البحرية الدولية (FAL) من الحكومات إنشاء لجان تتولى تنسيق أنشطة التيسير بين الحكومات والدوائر ونخبة مختارة من شركاء الأعمال كمالكي السفن ومُشغلي المطارات. ويشترط المعيار رقم (1.3) من الملحق العام لاتفاقية كيوتو المُعدلة على الجمارك إقامة علاقات تشاورية رسمية مع قطاع التجارة وإدامتها. وكذلك المسودة الأخيرة لاتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن تيسير التجارة التي تقتضي من الدول الأعضاء أن تنهض بأعباء مشاورات دورية بين الوكالات الحدودية والتجار وأطراف معنية أخرى (المادة 2.2)، وأن توفر للتجار والأطراف المهتمة فرص التعليق على القوانين واللوائح الجديدة أو المُعدلة (المادة 2.1). إضافة إلى المادة رقم (12.2) التي تنص على أن تُنشئ الدول الأعضاء أو تُحافظ على لجنة وطنية لتيسير التجارة تعنى بدعم تنفيذ الاتفاقية (12.2).

اعتبارات بشأن التنفيذ

ينبغي إيجاد بيئة مواتية من أجل ضمان إشراك القطاع الخاص ومشاركته بصورة فعالة. ومن بين الظروف اللازمة لإنشاء هذه البيئة، الإرادة السياسية، والتشريعات المناسبة، والإجراءات الواضحة، وبيئة للحوار والتشاور والتعاون المؤسسي.
وبوسع الحكومات استخدام أشكال ونماذج مختلفة لمزاولة التشاور. ويجب تكييف هذه النماذج حسب مستوى المشاركة (مشاركة مفتوحة أو محددة)، والعلاقات القائمة، وحسب أهداف التشاور. كما إنَّ الاجتماعات غير الرسمية، والأيام المفتوحة أو أيام ومؤتمرات القطاع الخاص تُشكل فرصة لنشر المعلومات إمّا لجمهور العامة أو لمجموعة محددة من الأطراف المهتمة. إنَّ نشر التشريعات الجديدة قبل إقرارها ودعوة التجار لتقديم تعليقاتهم، يُتيح لقطاع الأعمال المشاركة في عملية سن القوانين. وتوفر المشاورات الرسمية بين الجمارك والتجارة إضافة إلى هيئات تيسير التجارة الاستشاريةمنبراً دائماً للحوار والتعاون بين الأطراف المعنية من القطاعين العام والخاص.
تعتمد المشاورات والتعاون الفعال على الثقة والخبرة وإدارة الأطراف المعنية المناسبة. فثمة العديد من الأطراف المعنية بتيسير التجارة التي ينبغي العمل على إشراكها وإدارتها بصرف النظر عن اختلاف مصالحها ومتطلباتها. لذلك يُعتب التحليل المنهجي لأصحاب المصلحة مطلباً أساسياً لإنجاح المشاورات.
هنالك عدة أدوات متاحة لإرشاد الحكومات بشأن كيفية تنظيم المشاورات والتعاون الفعال. وتُقدم التوصية الرابعة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا ومبادئها التوجيهية نبذة عن كيفية إنشاء هيئة استشارية لتيسير التجارة تتمتع بمشاركة واسعة لأصحاب المصلحة. أما المذكرة الفنية رقم 18 الصادرة عن الأنكتاد بشأن فريق العمل متعدد الوكالات ، فتتناول المشاورات الفعالة خلال عملية التفاوض لمنظمة التجارة العالمية، كما تُقدم المبادئ التوجيهية لاتفاقية كيوتو المُعدلة و المبدأ التوجيهي رقم 29 الصادر عن غرفة التجارة الدولية بشأن الجمارك تفاصيل إضافية حول المشاورات بين الجمارك والتجارة. وتُقدّم وتُقدّم قواعد مجلس أوروبا بشأن الممارسات الجيدة للمشاركة المدنية في عملية صنع القرار ، مبادئ إرشادية قطاعية مفيدة بشأن كيفية إشراك جمهور العامة.