إدارة مخاطر الجمارك والانتقائية
التعريف والنطاق
وفقاً للمعيار رقم 6.3 من اتفاقية كيوتو المُعدّلة (RKC) والمبادئ الإرشادية ذات الصلة، تُعرَّف إدارة المخاطر على أنها تطبيق نظامي لإجراءات وممارسات الإدارة التي تزود الجمارك بالمعلومات اللازمة لمعالجة التحركات أو الشحنات التي تشير إلى وجود مخاطر. وتُدرج ديباجة اتفاقية كيوتو المعدلة تطبيق إدارة المخاطر باعتبارها واحدة من سبعة مبادئ أساسية مضمنة في تيسير التجارة:
هنالك خمس خطوات رئيسة في عملية إدارة المخاطر المعيارية كما عرفتها منظمة الجمارك العالمية، وهي: 1) “تحديد السياق”: لاستيراد السلع، ضوابط التصدير، وحركة المسافرين، الخ…؛ 2) “تحديد المخاطر”: حماية الإيرادات (من تبخيس القيمة عند التخمين، وتحديد منشأ السلع وتصنيفها)، وتحديد الموانع والقيود (مثل الإتجار في المخدرات، والتعدي على حقوق الملكية الفكرية، والإتجار بالأسلحة النارية، إلخ…)؛ 3) “تحليل المخاطر”: رجحان حدوث الخطر المحتمل (أقل احتمالاً، ومحتمل، ومحتمل جداً)؛ 4) “تقييم المخاطر وتحديد أولوياتها”: تقييم آثار وتوابع المخاطر إن حدثت (مرتفعة، ومتوسطة، ومنخفضة)؛ 5) “معالجة المخاطر”: تحديد التدابير المضادة وربطها مع مستويات المخاطر (مقبولة، أو يمكن معالجتها، أو إبعادها أو التخلص منها). بالإضافة لهذه الخطوات الخمس، تتطلب إدارة المخاطر رصداً ومراجعة مستمرة للتخلص من النتائج السلبية أو الإيجابية الخاطئة التي أسفرت عنها عملية تقييم المخاطر. وفي كل مراحل العملية، فإنَّ التوثيق، والاتصالات والتشاور مع كل أصحاب المصلحة المعنيين يُعتبر عنصراً رئيساً، حيث أن إدارة المخاطر مهمة مؤسسية تشارك فيها المؤسسة بأسرها وليست مهمة تضطلع بها وحدة بعينها.
بيان المشكلة
ما زالت الجمارك، في كثير من الدول تطبق نظام التفتيش المادي بنسبة 100%، أي أنَّ كل شحنة تُوقف وتُفتش بطريقة مادية (على نحو جزئي أو كلي)، مما يتسبب في حالات كثيرة من الـتأخير لدى المعابر الحدودية والموانئ والمطارات. إنَّ تفتيش جميع الشحنات من شأنه أن يخلق بيئة ملائمة لدفع مبالغ غير رسمية بهدف تعجيل العملية. ووفقاً لتقارير القدرات الجمركية الذي نُشرته الرابطة العالمية لشركات البريد والشحن السريع في 2009، فإنَّ 37 من أصل 114 إدارة أجريت عليها الدراسة الميدانية قد طبقت النهج الانتقائي القائم على أساس المخاطر، و18 إدارة منها أخضعت جميع الشحنات للتفتيش المادي، أما بقية الدول فقد اختارت للتفتيش عينات عشوائية من الشحنات أو تم التفتيش بناءً على اجتهاد مسؤول التفتيش.
إرشادات بشأن التنفيذ
إنَّ تطبيق إدارة المخاطر واستعمال مبدأ الانتقائية القائمة على أساس المخاطر (بوسيلة المسرب الأحمر والأخضر) يسمح للجمارك بتوزيع مواردها الشحيحة على المناطق ذات المخاطر العالية بينما تزيد من فاعلية عملية التخليص الجمركي للشحنات قليلة المخاطر. على سبيل المثال، عملت اليابان على تعزيز قدرات تقييم المخاطر الجمركية لديها منذ 1999، مما ساعد الجمارك على المحافظة على نفس مستويات التوظيف التي كانت سائدة عام 1999 تقريباً، علماً بأنَّ عدد معاملات الاستيراد قد ازدادت بما يقارب 60% (2007) ومعاملات التصدير بما يقارب 50% (2007) -أنظر أيضاً المخطط أدناه.
يمكن للجمارك أن تحدد الحالات التي تحتاج إلى تدقيق إضافي، سواء كان ذلك على شكل تفتيش مادي أم مراجعة مستندية، عن طريق تحليل وقياس مستوى الالتزام لكل تاجر على حدة، وللبضائع أو الدول المتاجرة على المستوى القطري والإقليمي والمحلي، ويؤدي ذلك في غالب الأحيان إلى نتائج ملموسة. إنَّ تحديد مستوى التزام التاجر، لا سيما التجار المُعتمدين و المُشغلين الاقتصاديين المُعتمدين (AEOs)، من شأنه أن يقلل معدل التفتيش اللازم لذوي الالتزام الجيد مقارنة بالتجار الأقل التزاماً، فالجمارك عادة ما توفر حوافز للتجار بهدف الاستثمار في تعزيز الالتزام. وبالإضافة إلى معالجة الشحنات قبل وصولها والإقرارات الجمركية الجيدة، تكتسب سلطات الجمارك وقتاً ثميناً يخولها تنفيذ عملية تقييم المخاطر و الإفراج الفوري عن السلع عند وصولها.
وتزداد فاعلية طريقة الانتقائية القائمة على أساس المخاطر في ظل البيئة المؤتمتة ، حيث يمكن تطبيق الانتقائية القائمة على أساس التحليل الحاسوبي للمخاطر على جميع الواردات والصادرات بشكل متسق، ونجد أنها طريقة أسرع وأدق عند مقارنة مجموعة بيانات صادرة عنها (مثل البيانات المستخلصة من إقرار السلع) مع جميع مجموعات البيانات التي ينتجها نظام تحليل المخاطر الحالي. ويمكن لتكنولوجيا المعلومات أن تُيسر عملية تحديث جميع تقارير تحليل المخاطر استناداً إلى أحدث النتائج التي يُسفر عنها التخليص الجمركي وتدقيق الحسابات. إنَّ الافتقار إلى نظام تقييم مخاطر يستند إلى المعلوماتية ونظام الاستهداف، لا يُبرر لإدارات الجمارك عدم تطبيق هذا المبدأ الأساسي لتيسير التجارة.
معلومات إضافية (مراجع وأمثلة ونحوها)
تحتوي المبادئ الإرشادية الخاصة بالمعيار 6.3 من اتفاقية كيوتو المُعدلة على وصف تفصيلي لعملية إدارة المخاطر. وقد نشرت منظمة الجمارك العالمية مؤخراً خلاصة وافية حول إدارة المخاطر، إذ وفرت إرشادات هيكلية بشأن طريقة إنشاء بيئة مؤسسية مواتية لإدارة المخاطر بنجاح. وتؤدي إدارة المخاطر دوراً هاماً في نظام النافذة الواحدة، وإدارة عبور الحدود ، وفي مجال أمن سلسلة الإمداد. كما يوفر التوجيه رقم 14 من المبادئ التوجيهية التي وضعتها غرفة التجارة الدولية (ICC) بعض آراء قطاع الأعمال حول مظاهر التفتيش الانتقائي.